13 ديسمبر، 2012

معاوية حاضر غائب في الاذهان وفي الوجدان/محمد فال ولد بلال

ننشر نص مراسلة الوزير السابق والمثقف المستقل والفاعل السياسي محمد فال ولد بلال لجمعية "جيل معاوية" المتضمن لتبية دعوتهم لنشاط ثقافي كان مبرمجا من طرف الجمعية يوم 12/12/2012 بفندق اميرة ومنعته السلطات دون تبرير.. جواب الوزير بلال للجمعية
بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على نبيّه الكريم
إلى الإخوة الشباب في جمعيّة " جيل معاوية ", الأعزّاء السلام عليكم و رحمة الله و بركاته,
وبعد/ الموضوع : تلبيّة دعوتكم الكريمة ،
في أوّل إطلالة أطلّ بها على وسائل الإعلام بعيد انقلاب الثّالث من أغشت 2005, كنت في حوار ودّي و أخوي مع النّائب المحترم محمد محمود ولد أمّات على شاشة التلفزيون الموريتاني, وقلت يومها : "إن الرّئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطّائع صار جزءا من تاريخ الأمّة...و إن التاريخ لا يكتب فوريّا , بل يحتاج إلى عامل الزّمن في صناعته و كتابته. و من هذا المنظور , يكون الشّعب بحاجة إلى مسافّة زمنيّة تفصل بينه وبين حكم الرّئيس معاوية حتّى تتكشّف له الحقائق , و تبدي الأيّام أسرارها , و ينجلي الغبار...حينها, يمكن كتابة التاريخ بهدوء و اعتدال و موضوعيّة..."
اليوم , وبعد سبع سنوات , ها أنتم الشباب "جيل معاوية " تودّون قراءة تاريخ حكم الرّئيس معاوية و استذكار إنجازاته و أخطائه ... قد لا أوافقكم الرّأي في تقدير المرحلة و التّوقيت, لأن موضوع الرّئيس معاوية لا يزال موضوعا راهنا , ولأنّه هو الغائب – الحاضر في الأذهان وفي الوجدان ...ك أنّ عقارب الساعة لم تتحرّك من بعده...و كأنّ البلد يراوح مكانه منذ غيبته. لهذا السّبب, أخشى أن لا يكون سعيكم مفهوما و أن لا يكون مشكورا...
وأنّه ربّما يثير في البلد زوابع فضوليّة و مساجلات عبثيّة تصمّ الآذان من جديد و تحجب البصائر و الأبصار... و مع ذلك , لا يسعني إلاّ أن أستجيب لدعوتكم بكل سرور و محبّة و اعتزاز...و أجعل نفسي و ما بيدي من مذكّرات و مستندات و مراجع تحت تصرّفكم...و في هذا الصّدد, يؤسفني فقط أنّني لم أتعرّف على الرّجل إلاّ في حملة رئاسيّات 2003 حين شرّفني بأن أكون ناطقا باسمه...قبل ذلك التاريخ - و على عكس ما يتصوره الكثير من الناس - لم أحظ بمقابلة الرّئيس معاوية طيلة فترة حكمه...إلاّ مرّة واحدة ...و لذلك , لن يكون بوسعي مساعدتكم على معرفة معظم مسار تاريخه و مراحله ... لكن في البلد كوادر و شخصيّات بارزة تعرّفوا عليه , و رافقوه , و واكبوا حكمه لمدة أطول ...استعينوا بهم لفهم المرحلة كلّها....
أيّها الإخوة و الأخوات, يوم الثّاني عشر من ديسمبر, هو يوم استفاقة الذّاكرة على تدخّل المؤسّسة العسكريّة بكامل أركانها و قيّاداتها لترفع إلى الحكم رجل من أخلص أبناء الوطن...يوم يعيد للذاكرة جملة التّأمل و التّزمل بأحلام تساوت مع الواقع ... يوم تلتقي فيه القلوب عند دروب التّذكر لأن الرئيس معاوية الذي أطيح به بعد اعتقال جميع القادة العسكريين في القوّات المسلّحة النّظاميّة كافّة - أركان الجيش والدرك و الحرس- و هو غائب , سيبقى عمله , وتبقى همّته و منجزاته في الوجدان الموريتاني باقيّة مستقاة من أنهار الحب و جداول العرفان. يوم الثّاني عشر من ديسمبر , يوم استدعاء الذاكرة لإعادة قراءة المسار و استرجاع مفاصل التاريخ لقائد بذل النّفس و النّفيس من أجل تأسيس دولة موريتانيّة عصريّة تقف عند هامات السحاب , معلنة هطول الخير من مزْن العطاء...يوم إنعاش الذّاكرة بما يختلج في ثناياها من حبّ و وفاء لرجل أحبّ وطنه و شعبه ...و جاهد بنفسه و عرضه لإرساء هويّته وتأكيد شخصيّته و فرض احترامه . يوم الثّاني عشر من ديسمبر يفتح نافذة الذّاكرة لإطلالة واعيّة على مكاسب تحقّقت للوطن بفكر رجل شجاع حاول أن يجعل بلدنا العزيز بلدا راقيّا , متألّقا ,باسما ,متلازما مع قضايا المواطن, إيمانا منه بأن الإنسان هو أعظم رصيد و أغلى ثروة يجب الاهتمام بها و الاعتناء بشؤونها... كما أنّه يوم يعيد إلى الأذهان أخطاء نظام الرئيس معاوية و مناقشتها و تشخيصها لتكون عبرة و درسا لكلّ القادة و الرّؤساء و الفاعلين الوطنييّن المحترمين من بعده...نعم , لقد أخطأ الرّئيس معاويّة في مقاربة بعض الملفّات , وما ذاك إلاّ تأكيدا لمقولة " أن لكلّ جواد كوبة...و لكلّ عاقل هفوة "...
و في الختام , هنيئا لكم و بارك الله فيكم و هداكم إلى مزيد من الابتعاد عن السياسة و عن صراعاتها العقيمة ... ليبقى اسم الرّئيس معاوية ولد سيدي أحمد ولد الطّائع " و من خلال جمعيّتكم مقترنا بالثّقافة و الفكر و البحث في التاريخ و التّراث... و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته أخوكم , محمد فال ولد بلاّل
نقلا عن موقع الطوارئ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق