07 فبراير، 2013

الترجمة هي الحل / إسلمو ولد سيدي أحمد

الخبير اللغوي: إسلمو ولد سيدي أحمد
بمناسبة انطلاق الجلسات الوطنية للمنتديات العامة للتربية والتعليم، أودّ أن أشير إلى أنّ المشاكل التي يعاني منها التعليم، عندنا في موريتانيا، لا تختلف كثيرا عن مشاكل التعليم في سائر الأقطار العربية.
و الأمل معقود على تنفيذ الخُطّة الوطنية لتطوير التعليم التي أجازتها الدول العربية ، في قِمّتَي الخرطوم و دمشق( على التوالي : 2006م ، 2008م ) ، و تتولّى المنظمة العربية للتربية و الثقافة و العلوم تنفيذَها ، بالتعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية .

و قد يتساءل القرّاء الكرام عن علاقة الترجمة بإصلاح التعليم ؟
و للجواب عن هذا السؤال – أو التساؤل – أقول ، إنّ مشكلات التعليم مركَّبَة و مُعقٌّدَة و مزمنة...و قد تعرضت الخُطّة الوطنية المذكورة لأهمها و اقترحت الحلول المناسبة . و الذي يهمني ، في هذه العُجالة ، هو الجانب اللغويّ ، في  عملية التعليم و التعلُّم ، و من هذا المنظار ، و قع اختياري على العنوان : " الترجمة هي الحل " ، بمعنى أنّ ترجمة الموادّ العلمية الحديثة إلى اللغة العربية و تدريس هذه الموادّ باللغة العربية ، أفضل بكثير من الاستمرار في تدريس هذه الموادّ باللغة الأجنبية ، و ذلك لأسباب كثيرة لا يتسع المقام لذكرها .

لقد أشرتُ في مقال سابق ، بعنوان " إصلاح التعليم في الوطن العربيّ " ، إلى ضرورة معالجة المأساة التي يعيشها أبناؤنا في الوقت الراهن ، المتمثلة في أنهم يتلقون دروسهم باللغة العربية – و هو أمر طبيعيّ – إلى أن يحصلوا على شهادة الثانوية العامة ( البكالوريا ) ، و عندما يصلون إلى التعليم الجامعيّ يصطدمون بأنّ الموادّ العلمية غير معرَّبَة ، فيجدون أنفسهم بين خياريْن أحلاهما مرٌّ ، إمّا أن يتوجّهوا إلى التخصّصات الأدبية المعرَّبَة و يضحوا بطموحهم العلميّ ، أو يحاولوا الدراسة في التخصصات العلمية التي تُدَرَّس بلغة أجنبية ، زادُهم منها قليل في أغلب الأحوال ، ممّا يترتب عليه فشلهم في دراستهم أو تعثُّرهم فيها على الأقل . أمّا التفوُّق المفضي إلى الإبداع، فلا أمل فيه بسبب الحاجز اللغويّ. 

و يكمن حل هذه المعضلة – بكل بساطة – في تعريب التعليم الجامعيّ، مع الاهتمام بالترجمة ( ومن هنا استوحيتُ العنوان المذكور). كما أشرتُ إلى أهمية تعلُّم بعض اللغات الأجنبية – حسَب وضع كل قُطر عربيّ – لتسهيل التواصُل مع الخارج، و ليس لتدريس المواد بها، و الفرق شاسع بين الأمرين. 

لا بدّ كذلك من خلق تناغُم بيْن مُخْرَجات التعليم و احتياجات الإدارة، ممّا يقتضي استعمال اللغة العربية في الإدارة و في جميع المَرافق الحيوية للدولة، الأمر الذي سيحدّ من البِطالة، ويجعل حملة الشهادات المعرَّبين يستجيبون لاحتياجات سوق العمل. و هنا تكمن أهمية الترجمة من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية ، و من اللغة العربية إلى اللغات الأجنبية ، بمعنى أنّ اللغة المُوَّحَّدة ( المُوَّحِّدَة ) لها دوْر حاسم في عملية النمو و التطور ، بشرط أن تُدْعَم ببحث عِلميّ نشيط و فاعِل ، و بترجمة في الاتجاهَيْن ، لنقل العلوم الحديثة إلى الأقطار العربية ، من جهة ، و نقل التراث و التجارب العربية إلى العَالَم، من جهة ثانية. و ذلك في إطار التثاقُف و حوار اللغات و الحضارات . و لِحُسن حظّنا أنّ ثورة الاتصال و سهولة الحصول على المعلومات و البيانات، في الوقت الراهن، و تطور الترجمة و انتشار محركات البحث ووسائل الاتصال الاجتماعيّ و الجماهيريّ...كل ذلك معين على تحقيق هذا الهدف النبيل المزدوج الذي يحافظ للأمة على لغتها التي هي هُويتها و رمز سيادتها ووعاء فكرها وسِجِلّ تراثها الإسلاميّ و الإنسانيّ ، من جهة ، و يضمن لها التقدم والازدهار و التصالح مع الذات ، من جهة أخرى.
وصلنا المقال من البريد: isselmou.sidahmed@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق