سمعت
كثيرا عن " عروص لكور " ولم أراها في حياتي ولم اقترب منها ليس كرها
بطبيعة الحال ولكن لم تشأ الأقدار ذلك على الرغم من الخؤولة التي من الله علي بها
من القوم وإن كان عن بعد ؛
سمعت
المجتمع يتندر كثيرا بتلك " العروص " تندرا يختلف من منطقة إلى منطقة
ومن منطقٍ إلى منطق ! حتى لا أطيل عليكم سبب هذه الخاطرة أو القصة أو التدونة هو
أنه قبل يومين بالضبط كنت في عاصمتنا الاقتصادية " انواذيبو " أقوم ببعض
الأعمال ومساء – السبت – قررت التوجه نحو العاصمة وكأي مسافر تجولت في باصات النقل
بحثا عن أحسنها من أجل أن يقلني إلى العاصمة ومن بين الباصات الكثيرة لفت إنتباهي
باص متوسط الحجم أسود اللون أنيق المظهر سماه أصحابه |ريشات |! وبين إعجابي الإسم
والشكل توكلت على الله وقررت السفر في ذلك الباص وكأي مسافر إستفسرت القائمين عليه
عن وقت الإنطلاقة ومتى سنصل بحول الله إلى العاصمة وهكذا أشياء كان العاملون في
محطة الباص طيبون يردون على أسئلة الزبناء بلباقة وأريحية ومبالغة أحيانا ! أقنعني
الأخ وأخبرني ان الإنطالقة ستكون على تمام الساعة الرابعة وتركت رقم هاتفي وانطلقت
القي النظرة الأخيرة قبل المغادرة على عاصمتنا الإقتصادية زرت مقر الشركة الصينية
وكان محكم الإغلاق وبداخله اعمال جارية على قدم وساق على الرغم من إعلان الدولة
حدوث مشاكل مع الشركة المعنية وهو ماينفيه سير الأعمال في تلك المؤسسة المشبوهة
!منعني الحارس الموريتاني من الدخول والبناء الصيني من التصوير . النظرة الأخرى
كانت على ميناء " الصيد التقليدي !! " حيث يعاني الصيادون من ظلم الدولة
ورجال الاعمال وتتحرك قواربهم الصغيرة وهي تشق عباب ذلك البحر المتلاطم الأمواج
نحو المجهول يرن هاتفي وانا اتأمل كيف يحصل ذلك الصياد المسكين على صيده كان
المتصل هذه المرة صاحب شركة " ريشات " ليخبرني بأن الرحلة اصبحت على
تمام الساعة الثالثة لأن الباص ولله الحمد إكتمل ركابه الاحد عشر ؛ وستصلون بحول
الله على تمام الساعة الثامنة الى العاصمة قلت للأخ الكريم جميل وانطلقت صوب المنزل
وحزمت امتعتي وودعت الأهل . وتوجهت صوب "ريشات" أحمل ماخف من الأمتعة
وجهاز حاسوبي واضع عمامة سوداء اللون وعلى تمام الساعة الثانية والنصف وصلت وكنت
المسافر الوحيد الذي وصل قبل نصف ساعة من الإنطلاقة سألت الأخ الكريم اين بقية
المسافرين؟ قال البقية مجموعة من " لكور !! " ستجدونهم امامكم ما يأحر
الإنطلاقة هو شاب سيصل بعد قليل بعد دقائق وصل الشاب الذي عرفته من خلال ملامح وجه
وعرفته اكثر اثناء السفر وهو أحد شباب كلية الآداب – لين الجانب طيب الخاطر دمث
الخلق لبق إلى حد بعيد له في العلم باع وفي الفكر مكانة - . جلست بجانبه في
المقاعد الأمامية وانطلق السائق " الزنجي " بنا نحو الحنفية الثانية .
فكانت
بداية القصة !:
توقف
الباص امام منزل متواضع الشكل ظهر عليه الخير حيث "النيران و القدر والحطب ؛"
وهو لعمري دليل ساطع على أن الخطب جلل كان
بداخل المنزل رجال ونساء واطفال من مختلف
الأعمار ارتسمت على وجوههم البسمة بعضهم يغني والبعض الآخر يرقص أصابني الفضول
فسألت إحدى الفتيات عن الخطب فقالت لي بلكنة حسانية – هو هون في وحده معدل عرس راجلو
هو شور كهيدي هي مسيكينة ماش شورو – آه وهو ماه هون ؟! – نو نو هو شور كيهيدي هون
الا صحابو وامو واختو وخالتو – اتضحت لي معالم القصة وتفاصيلها وأخبرت بها صديقي
وحدثته عن صعوبة السفر مع أخوالي وبدء الرجال يضعون الصناديق الثقيلة والحقائب على
سطح الباص الصغير وكأنها الجليلة مزفة إلى التبع اليماني ! حتى امتلئ عن آخره وبدء
الوداع والبكاء والرقص ! واستمر زهاء الساعتين وعلى وقع الألحان الزنجية استمتعت
لساعتين حيث انطلقنا على تمام الساعة الخامسة بعد ان تمنعت العروس عن الركوب وسط
تصفيق صويحباتها وبعد جهد جهيد إستطاع " الفرسان " وضعها داخل الباص
تفرجت وصاحبي على تلك المشاهد الطريفة المملة ! ركبت العروس وخالتها وأمها وجدتها
ويوازيهم أهل العريس وركب صاحبيه وعلى وقع لحن زنجي يشبه – سدوم عندنا أو الخليفة –
تمايل الجمع الكريم واستمتع . وكنت وصاحبي كاننا غرباء ! وبعد الخروج من المدينة
أوقفتنا وحدة الدرك المرابطة عند مدخل المدينة وطلبوا منا تخفيف الحمولة لأنها
كثيرة وبعد مفاوضات سمحوا لنا بالعبور وسط جو من الفرح والصخب كانت العروس وحتى
منتصف الطريق تبكي وتضع على رأسها رداء أسود في ظل جو من الضحك ينعشه صويحباتها
وأصحابه ! وبين الفينة والأخرى كنت اسألهم عن بعض عاداتهم فيجبونني بصراحة . وقبل
منتصف الطريق أوقفتنا دورية أخرى منعت علينا المرور قبل دفع ضريبة زيادة الحمولة
الغريب أنه بعد حوار طويل استقر زهاء الساعة دفعت أم العريس الضريبة !!! إستغربت
من المشهد في ظل وجود – اصحاب العريس – وكنت سأسألهم لولى أن صاحبي نصحني بعدم
المسألة ! كان القوم مثالا يحتذى به في الإكتفاء الذاتي . وصلنا " بوعماتو
" بعد صلاة المغرب ونزل القوم وتوضؤا جميعهم وصلو صلاتي المغرب والعشاء .
وتناول كل واحد منهم وجبته منفردا . وبعد الركوب من جديد بدء حياء الأخت العروس
يخف وبدء صوتها يرتفع شيئا فشيئا وخلد الجميع الى
النوم وساد جو من الهدوء جنبات الباص بعد مساء صاخب عادت الي روحي وعدت إلى
حقيبتي وأخرجت منها كتبا للدكتور " محمد المختار الشنقيطي " ووضعت سماعة
الهاتف في أذني وسرحت مع المنشد – عمر ولد حمادي – وهو يشدوا – سكوب الدمع – ومع المنشد
الكبير – ابو راتب – وهو يغني " الشعب السوري ما بينذل " واستاذي الحبيب
" محمد غلام وهو ينشد في منبرالجمعة – إن السماء اذا تلبد غيمها – للشاعر الكبير
ابابه ولد أحمد وبعد زهاء الساعتين وصلنا العاصمة على تمام الحادية عشر والنصف بعد
ان كان من المقرر ان نصل الساعة الثامنة.....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق