في الثالث عشر اكتوبر الماضي ، تعرض رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد
العزيز لطلق ناري عن طريق الخطإ، وبقدر ما كان الحدث اختبارا جديا لمستوى
النضج الذي وصل إليه الشعب الموريتاني وبمدى تجذر مسيرته الديمقراطية، فقد
شكل كذلك اختبارا كبيرا لطبقته السياسية سواء تعلق الأمر بالموالين أو
المعارضين.
وبعد مرور أكثر من شهر علي الحدث المأساة، أصبح بإمكان المراقب اليوم أن
يصدر أحكامه علي ردات الفعل التي ظهرت ولاتزال تظهر تباعا ...
لقد كان الحدث مناسبة أكد خلالها الشعب الموريتاني تمسكه بالمشروع السياسي
– الحضاري الذي تبناه رئيس الجمهورية، ونال ثقة غالبية المواطنين
الموريتانيين في الإنتخابات الرئاسية الأخيرة ....
فالشعب الموريتاني برجاله ونسائه، بشبابه وشيوخه، خرج في تظاهرات عفوية
وصدحت حناجره بالدعاء الخالص للرجل الذي عمل جادا علي بلورة مفهوم الدولة،
وحمى المقدسات، وصان الحرمات، وحارب المفسدين الذين عبثوا بمقدرات الأمة،
ونهبوا قوت فقرائها وجياعها....
لقد أكد الحدث – وعلي غير ما يشتهي الصيادون في المياه العكرة – أن النظام
الديمقراطي الذي بناه الموريتانيون راسخ رسوخ الجبال، وأن أبناء هذا الشعب
من القوات المسلحة وقوات الأمن وجدوا لحماية النظام ومؤسساته الدستورية،
وأن عهد الانقضاض علي إرادة الشعب ولى إلي غير رجعة ...
ولن يفوتني هنا، ونحن نعيش مجريات الفصل الأخير من فصول هذا الحدث، لأن
الفارس نهض من كبوته والحمد لله، وشعبه يستعد لاستقباله استقبال الأبطال
المخلصين أن ننوه بالدور الجبار الذي لعبته هيئات حزب الإتحاد من أجل
الجمهورية، والمتمثل في تحصين الجبهة الداخلية، عبر مواكبة الحدث وإبراز
الحقائق كما هي لإقصاء الإغراض والمغرضين ....
لقد كان بودنا أن تكون منسقية المعارضة – وهي جزء من النظام السياسي لهذا
الشعب – علي مستوى الحدث، وأن تكون المصالح العليا للبلد هدفها ومحركها،
لكنها فاجأتنا بالغناء خارج السرب، ومواصلة خطاب طعن في مصداقيتها، وأبرز
عمى قلوبها التي في الصدور وضيق رؤيتها وتسرعها...
فبدلا من التجاوب مع الدعوات المتكررة التي صدرت علي لسان رئيس الجمهورية،
ودعتها صراحة إلي الدخول في حوار مباشر وغير مشروط مع قوى الموالاة للتمكن
من مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، عمدت منسقية المعارضة إلي تبني
خطاب مخجل ومضحك عرف بخطاب الشغور ....
بعد ما أفلست وخابت دعوتها اليائسة للرحيل، طلعت علينا بادعاء جديد مفاده
أن منصب الرئاسة أصبح شاغرا، متجاهلة أن قادة العالم يتصلون يوميا بصاحب
هذا المنصب للاطمئنان علي صحته، وللتداول معه بخصوص القضايا الإقليمية
والدولية ذات الاهتمام المشترك، ومتجاهلة أن شخصيات وطنية وازنة وعلي درجة
كبيرة من المصداقية اتصلت بالرئيس وأكدت طواعية تماثله للشفاء، ومتجاهلة أن
مصالح الدولة تسير بشكل طبيعي لا تكلف فيه.
فأي شغور هذا الذي يتحدثون عنه؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق