ظهرت
في الآونة الأخيرة مقالات تتناول موضوع البلدية
والانجازات ولإخفاقات لكن بصورة أقرب ما تكون للمزايدة السياسية بل وتغيب
عنها المعرفة الحقيقية لمفهوم البلدية من
هنا أحببت أن أشارك بعيدا عن شخصنة القضايا العامة ولكي تعم الفائدة عن مفهوم ودور
البلدية في التنمية المحلية .
لا بد لكي ينجح العمل البلدي في التنمية، يجب فهم وظيفة البلدية، وحتى عملية الانتخاب ذاتها، وأي وظيفة تؤديها في التركيب السكاني والاجتماعي للقرية أو للبلدة والمدينة. فالبلدية لها دور تنموي بالتأكيد ولها وظيفة اجتماعية أساسية وبيئية، أي ان لها دور مدني حاسم في التطوير، ليس من خلال المشاريع وحسب، وانما في تعويد الناس على أن تطوير وتعزيز الحياة الاجتماعية والانسانية والبيئية وحتى المعيشية هي مسؤولية الجميع ويجري تأطيرها في العمل البلدي
وليست البلدية تحل محل الدولة في هذا السياق فللبلدية كمسؤولية محلية دور وللدولة أو للسلطات دور آخر. وحين تتحقق عملية اللامركزية الإدارية يمكن حينئذ تعزيز دور البلدية ومدها بسلطات إضافية ويمكن تحميلها مسؤولية عامة. وحتى القانون البلدي ينبغي تناوله على أساس جديد، اذا كنا نريد تطويره في القانون والوعي والوظيفة. كما ينبغي التشديد على ضرورة العمل على التنمية الاجتماعية في ظل القضايا الخطيرة والكبيرة التي تمرّ بها البلاد
وقد تشكل اللامركزية الادارية، وفي موضوع البلديات، عاملاً أساسياً لتحقيق التنمية المتوازنة والديمقراطية والاصلاح الاداري في البلاد. وتمثل البلديات الدائرة الاجتماعية والوحدة الرئيسية للادارة المحلية، وعليها يعول دور مهم في تحقيق مزيد من التحديث والتقدم الاجتماعي والعقلنة والديمقراطية والتنظيم المدني والحفاظ على البيئة، لكن البلديات لا تقوم بوظيفتها هذه، وهي ربما لا تستطيع بسبب محدودية صلاحياتها، ولذلك يقتضي الأمر إصلاح العمل البلدي وتفعيله وتحديثه، إضافة الى تفعيل الترويج لثقافة جديدة في العمل البلدي والتنمية المحلية، فضلاً عن توطيد علاقة المشاركة
وأشير في هذا الصدد الى ان التنمية ليست مسألة تقنية فقط، بل تتطلب خيارات سياسية واجتماعية ولها شروط محدّدة، مثل الاستثمار الأفضل للموارد الطبيعية والبشرية والاجتماعية وكيفية استخدام المؤسسات استخداماً أفضل، إضافة إلى توافر الجدوى الاقتصادية الاجتماعية لهذا الاستثمارا
ولا بد من أهمية الشراكة الفعلية بين كل الاطراف من اجل التنمية المحلية، وواجب العمل على وضع خطة تنمية محلية بشكل تشاركي، فالتعاون بين الاطراف المحلية من اجل الحصول على الحقوق هو من المستويات المركزية، وحق وواجب تشكل هيئات مشتركة للتنمية المحلية بين البلدية والاطراف الاخرى. ولا شك أن هناك اسباب تعوق الــمــقــاربــة التنموية، مــن التعاطي الحكومي مع المسألة الاجتماعية، الى المعوقات التي قد تكون متأتية من الإدارة المشرفة على العمل البلدي، الــى المعوقات المتأتية من مستوى الوعي والممارسة في المجتمع المحلي.وتبرز معوقات أخرى في احد اوجهها الصارخة في معايير تشكل اللوائح الانتخاب حيث هناك غلبة للمعايير العائلية والتزعمية في عملية تشكيل المجالس البلدية. ناهيك عن غياب البرامج الانتخابية الشاملة. وعلى الرغم من أن التنافس الانتخابي يكون عادة بين لوائح
أقول هذا الكلام لأن البلديات تواجه معضلات وصعوبات في التنمية، وربما تكون عاجزة عن إدارة نفسها بالكامل، وهي بحاجة دائماً إلى الزعامات المحلية لإدارتها، وخصوصاً مع هيمنة وزارة الداخلية وأجهزتها على البلديات، حيث تتداخل القوانين بما يعيق الإنماء الحقيقي
وأعود الى النقطة الأولى، فالتنمية المحلية هي القدرة على الإستفادة من مصادر البيئة البشرية والمادية المتوافرة وزيادة تلك المصادر كماً ونوعاً وتطويعها بما يعود نفعه على جميع أفرادالمجتمع، مع ضمان إستدامة هذه المصادر. ويبقى العنصر البشري وتطويره مادياً وثقافياً وروحياً الشرط الأساسي لكل تنمية حقيقية
ولكي يتم تفعيل دور البلدية في التنمية، لا بد من وضع خطة متكاملة تتضمن التوعية والتثقيف بأهمية المشاركة في الحياة العامة من خلال تعميق الحوار بين جميع شرائح المجتمع واتجاهاته، وتعميق القيم والمفاهيم، وتشجيع الحوار والمشاركة لتطوير القدرات المحلية في التنمية
وأخيراً، ان المشاركة بين البلدية ومنظمات المجتمع المدني والأهالي تُمكّن المجتمع من الاستخدام الأمثل لطاقات وقدرات أفراده وجماعاته المنظمة، وتعطي دوراً أكبر للمجتمع المدني، وتمكّن المواطنين من التأثير على السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي تساهم تطورا" مهما" على صعيد التنمية المحلية، وتسمح بالتالي في تطوير سياسات التنمية الاجتماعية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق