11 فبراير، 2013

من الذكريات . .... بقلم : لمهابة ولد بلال

عندما تينع نباتات حقل مقطع لحجار في حقبة الثمانينيات و يحين وقت الحصاد تتهلل الوجوه ويحس المرء بالحكمة القائلة "من زرع حصد " تتجسد على أرض الواقع ؛ فيوم حصاد "إغليك" مقطع لحجار لم يكن يوما عاديا ولا ينبغي له أن يكون ؛ فأشهر من الجد والسهر والحروب مع الطير والحيوانات ومن قبلها " أجريده " (تصغير الجراد) ؛ وتفقد ضعاف "التبيات" المثيرة للشفقة ؛ والحرص على مكان خطوات الأقدام خوفا من أن تغتال نباتات "آدلكان" و "الشمبان " في المهد ؛ ونزع الأعشاب الغريبة وتتبع مخابئ "كده " أنثى الفأر ؛ وقبل كل ذلك المفاوضات الشاقة لتسوية نزاعات "أناق" المسلية،  كلها جعلت يوم الحصاد يوما أكثر من مميز "فالزرع" المحصود تجاوز كونه غذاءً إلى مولود من أسرة أهل "لحريثة" يستقبل بالود يزين منظره عبث أنامل رجال صادقين اقترنوا بالأرض ومن فوقها ابتسامات موغلة في الجمال..فعندما كنا أطفالا صغارا نتهيأ ليوم الحصاد بنفسية مفعمة بالتحدي وبترقب بالغ لإثبات الذات ؛ فأكوام "الرمروم" المسجاة أرضا طالما اختبرت عزيمتنا وسخرت من أنا أطفال لكن هيهات فسواعدنا كانت لها بالمرصاد ؛ و السنابل الذهبية المشرقة تستقبل أشعة الشمس بروح القوة قبل استشهادها لتخر صريعة تحت النبات بفعل المناجل ...
عمل و رجال و حركة و نشاط من "العشرين" إلى "لكصيرة" ومن "السهوة الى "بحشيشة لغليك" ؛ ومن "اتويميرت لرظه" إلى "الزر الساحلي" ؛ الحصاد و لا شيء غير الحصاد ؛ عندما نرفع جباهنا نحو الجنوب أشجار كدفه في انتصابها الصامد ومن الشمال مقطع لحجار البلدة الهادئة كشريط ملتف من فوقه الرمال الذهبية في بداية عبث الصحراء الذي لا يعرف الانكسار ؛ 
تغيب شمس يوم الحصاد وتسير الأيام الهوينى و تجبر السنون من بقي حيا من رجال تلك الحقبة إلى الانزواء في المنازل بين الشيخوخة والمرض ؛ يستبد بهم الحنين فيتعثرون الخطى في "إغليك مقطع لحجار " متحسرين على أيام النشاط والقوة ؛ والأطفال الذين كانوا يتصارعون مع "الرمروم " باتوا رجالا و انهمكوا في تحديات الحياة سريعة الإيقاع ؛ وحدها "أشجار" كندفه ظلت كما هي و رمال مقطع لحجار الذهبية مطلة على المشهد من بعيد .... أو الذكريات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق