10 يوليو، 2012

إذا كان هذا هو الفساد فنحن نريد الوزير المفسد/الحسين بن محمود عثمان


لكي لا نقع في التعميم فإني أتكلم في هذ المقال عن نقابتي التعليم الثانوي النقابة المستقلة والوطنية للتعليم الثانوي وللتين تعتبران الأقوي داخل الساحة النقابية في التعليم الثانوي رغم أن المستجيبين لإضرابهم لا يتجاوزون العشرة في المائة علي عموم التراب الوطني

لست ممن يعارض العمل النقابي ولا من يقف ضده إذا كان هذ العمل هو عمل نقابي الهدف منه المصلحة الجماعية والفردية ,لكن عندما تتحول النقابات المهنية إلي أداة بيد رجال السياسة فهذا ما يجب أن نقف ضده ونبين الحق من الباطل لاسيما للرأي العام ,وهذا ماسنحاول تناوله من خلال هذه الأسطر  .

لقد ظل المدرس قديما بصفة عامة و الأستاذ بصفة خاصة محل تقدير و احترام من طرف كل مكونات الشعب الموريتاني و هو صاحب الرأي الأول و الأخير لكن مع بداية التسعينات بدأت هذه الرؤية تتغير شيئا فشيئا نظرا لإطغاء النظرة المادية على الشعب عموما و هي النظرة التي أدركها النظام الذي حكم البلاد منذ 2008 و كذلك الوزارة الوصية ــ وزارة الدولة للتهذيب الوطني و التعليم العالي و البحث العلمي ــ و حاولوا في فترة وجيزة التغيير من الوضعية المادية التي يعيشها المدرس بصفة عامة و الأستاذ بصفة خاصة و لكي لا يكون هذا الكلام مجرد نظري فغني سأذكر مثال لا الحصر.

من الناحية المادية فقد تم :

ـ إستحداث علاوة لمنسقي المواد التي كانت مطلبا ملحا لدى الأساتذة

ـ علاوة النقل و السكن و التي كانت تمثل حلما لكل مدرس بل و تعتبر من المطالب المستحيلة و التي لم تحملها أي عريضة مطلبية للنقابات نظرا لصعوبة تحقيقها في الأجل القريب

ـ تعميم علاوة البعد على كافة المؤسسات .

ـ إستحداث علاوة التجهيز لحاملي الطبشور .

أما من الناحية المعنوية فقد أعيدت للمدرس بصفة عامة و الأستاذ بصفة خاصة مكانته فلم يعد بإمكان السلطات الإدارية و المدنية في الولاية تحويل أي أستاذ بسبب خلافي سياسي ولا موقف شخصي .

ففي ولاية لبراكنة على المثال التي أعمل فيها كأستاذ لا يمكن أن يدعي أي مدرس أستاذ كان أم معلما أنه عانى من التحويل التعسفي أو التهميش الإداري ، بل كان المدير الجهوي للتعليم في كثير من الجلسات يتكلم و كأنه محامي عن الأستاذ ضد أي ظلم يصدر من أي كان حتى أنه في السنة الماضية حدثت مشكلة لأستاذ مضرب مع مدير و كان من المفترض معاقبة الأستاذ و تحويله إلا أن المدير الجهوي رفض ذلك .

رغم كل هذه التحسينات التي تحاول الوزارة الوصية من خلالها الرفع من قيمة المدرس بصفة عامة و الأستاذ بصفة خاصة كنا نتوقع أن تصدر النقابتان بيانا مشتركا يشيدان فيه بما تحقق لكن يبدوا أن القائمين عليهم لهم مآرب أخرى و آراء تاتي من بعض السياسيين تخدم أجندة سياسية خاصة لا  تمت بصلة بمصلحة الأستاذ و لا العملية التربوية برمتها .

فكان رد النقابات كما هو متوقع واحد و عشرون أستاذا ينظمون وقفة إحتجاجية داخل وزارة التعليم يطالبون بتسديد أجور

لا حق لهم فيها لعدم مزاولتهم لعملهم و كأن الإضراب عطلة معوضة.

و لم تتوقف النقابة عند هذا الحد فعندما شعرت بأن الأستاذ اتضح له الخيط الأبيض من الخيط الأسود و أصبح يدرك اللعبة التي تقوم بها هذه النقابات و هو ما يبدوا جليا من خلال التراجع الكبير في نسبة المضربين في صفوف الأساتذة ، و كما كان واضحا من خلال الوقفة الأخيرة يوم الأحد الماضي و التي لم يتجاوز عدد المشاركين فيها عشرين أستاذا بعضهم من أساتذة المواد العلمية باللغة العربية و الذين هجروا قاعات الدراسة منذ العام الماضي بعض وصول الإصلاح إلى الأقسام النهائية بدؤوا ينتهجون أسلوبا آخر فتارة يتهجمون على الأساتذة الذين رفضوا تضييع مستقبل التلاميذ وتارة يتهجمون على وزير الدولة بحجة أنه مفسد و كأن التحسين من وضعية المدرس و تنظيم أيام تشاورية للنهوض بقطاع التعليم من خلال تحديد المعوقات و إيجاد حلول لها و الإيجابيات و دعمها هو الفساد فأنا أقول إذا كان هذا هو الفساد فنحن نريد هذا الوزير المفسد.

 بقلم الحسين بن محمود عثمان أستاذ بولاية لبراكنة

نقلا عن وكالة أنباء الساحة المستقلة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق