ننشر نص مراسلة الوزير السابق
والمثقف المستقل والفاعل السياسي محمد فال ولد بلال لجمعية "جيل معاوية"
المتضمن لتبية دعوتهم لنشاط ثقافي كان مبرمجا من طرف الجمعية يوم
12/12/2012 بفندق اميرة ومنعته السلطات دون تبرير..
جواب الوزير بلال للجمعية
بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على نبيّه الكريم
إلى الإخوة الشباب في جمعيّة " جيل معاوية ", الأعزّاء السلام عليكم و رحمة الله و بركاته,
وبعد/ الموضوع : تلبيّة دعوتكم الكريمة ،
في أوّل إطلالة أطلّ بها على وسائل الإعلام بعيد انقلاب
الثّالث من أغشت 2005, كنت في حوار ودّي و أخوي مع النّائب المحترم محمد
محمود ولد أمّات على شاشة التلفزيون الموريتاني, وقلت يومها : "إن الرّئيس
معاوية ولد سيدي أحمد الطّائع صار جزءا من تاريخ الأمّة...و إن التاريخ لا
يكتب فوريّا , بل يحتاج إلى عامل الزّمن في صناعته و كتابته. و من هذا
المنظور , يكون الشّعب بحاجة إلى مسافّة زمنيّة تفصل بينه وبين حكم
الرّئيس معاوية حتّى تتكشّف له الحقائق , و تبدي الأيّام أسرارها , و
ينجلي الغبار...حينها, يمكن كتابة التاريخ بهدوء و اعتدال و
موضوعيّة..."
اليوم , وبعد سبع سنوات , ها أنتم الشباب "جيل معاوية "
تودّون قراءة تاريخ حكم الرّئيس معاوية و استذكار إنجازاته و أخطائه ...
قد لا أوافقكم الرّأي في تقدير المرحلة و التّوقيت, لأن موضوع الرّئيس
معاوية لا يزال موضوعا راهنا , ولأنّه هو الغائب – الحاضر في الأذهان وفي
الوجدان ...ك أنّ عقارب الساعة لم تتحرّك من بعده...و كأنّ البلد يراوح
مكانه منذ غيبته. لهذا السّبب, أخشى أن لا يكون سعيكم مفهوما و أن لا يكون
مشكورا...
وأنّه ربّما يثير في البلد زوابع فضوليّة و مساجلات
عبثيّة تصمّ الآذان من جديد و تحجب البصائر و الأبصار... و مع ذلك , لا
يسعني إلاّ أن أستجيب لدعوتكم بكل سرور و محبّة و اعتزاز...و أجعل نفسي و
ما بيدي من مذكّرات و مستندات و مراجع تحت تصرّفكم...و في هذا الصّدد,
يؤسفني فقط أنّني لم أتعرّف على الرّجل إلاّ في حملة رئاسيّات 2003 حين
شرّفني بأن أكون ناطقا باسمه...قبل ذلك التاريخ - و على عكس ما يتصوره
الكثير من الناس - لم أحظ بمقابلة الرّئيس معاوية طيلة فترة حكمه...إلاّ
مرّة واحدة ...و لذلك , لن يكون بوسعي مساعدتكم على معرفة معظم مسار تاريخه
و مراحله ... لكن في البلد كوادر و شخصيّات بارزة تعرّفوا عليه , و
رافقوه , و واكبوا حكمه لمدة أطول ...استعينوا بهم لفهم المرحلة
كلّها....
أيّها الإخوة و الأخوات, يوم الثّاني عشر من ديسمبر, هو
يوم استفاقة الذّاكرة على تدخّل المؤسّسة العسكريّة بكامل أركانها و
قيّاداتها لترفع إلى الحكم رجل من أخلص أبناء الوطن...يوم يعيد للذاكرة
جملة التّأمل و التّزمل بأحلام تساوت مع الواقع ... يوم تلتقي فيه القلوب
عند دروب التّذكر لأن الرئيس معاوية الذي أطيح به بعد اعتقال جميع القادة
العسكريين في القوّات المسلّحة النّظاميّة كافّة - أركان الجيش والدرك و
الحرس- و هو غائب , سيبقى عمله , وتبقى همّته و منجزاته في الوجدان
الموريتاني باقيّة مستقاة من أنهار الحب و جداول العرفان. يوم الثّاني عشر
من ديسمبر , يوم استدعاء الذاكرة لإعادة قراءة المسار و استرجاع مفاصل
التاريخ لقائد بذل النّفس و النّفيس من أجل تأسيس دولة موريتانيّة عصريّة
تقف عند هامات السحاب , معلنة هطول الخير من مزْن العطاء...يوم إنعاش
الذّاكرة بما يختلج في ثناياها من حبّ و وفاء لرجل أحبّ وطنه و شعبه ...و
جاهد بنفسه و عرضه لإرساء هويّته وتأكيد شخصيّته و فرض احترامه . يوم
الثّاني عشر من ديسمبر يفتح نافذة الذّاكرة لإطلالة واعيّة على مكاسب
تحقّقت للوطن بفكر رجل شجاع حاول أن يجعل بلدنا العزيز بلدا راقيّا ,
متألّقا ,باسما ,متلازما مع قضايا المواطن, إيمانا منه بأن الإنسان هو
أعظم رصيد و أغلى ثروة يجب الاهتمام بها و الاعتناء بشؤونها... كما أنّه
يوم يعيد إلى الأذهان أخطاء نظام الرئيس معاوية و مناقشتها و تشخيصها لتكون
عبرة و درسا لكلّ القادة و الرّؤساء و الفاعلين الوطنييّن المحترمين من
بعده...نعم , لقد أخطأ الرّئيس معاويّة في مقاربة بعض الملفّات , وما ذاك
إلاّ تأكيدا لمقولة " أن لكلّ جواد كوبة...و لكلّ عاقل هفوة "...
و في الختام , هنيئا لكم و بارك الله فيكم و هداكم إلى
مزيد من الابتعاد عن السياسة و عن صراعاتها العقيمة ... ليبقى اسم
الرّئيس معاوية ولد سيدي أحمد ولد الطّائع " و من خلال جمعيّتكم مقترنا
بالثّقافة و الفكر و البحث في التاريخ و التّراث... و السلام عليكم و رحمة
الله و بركاته أخوكم , محمد فال ولد بلاّل
نقلا عن موقع الطوارئ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق