ذ.حدمين ولد عبد الله |
الساعة، الآن، هي العاشرة ، وهي الساعة
الّتي أخلو فيها إلى نفْسي بعد أن أخلع جد
النهار ودلال اللّيل، فأمعن في التأمل و البحث على النت و القراءة أحيانا.
صادفت في رحلتي هذه خاطرة تحت عنوان (لا تغضب أنت شامي يا مقطع لحجار) و رغم أن العنوان قد يدفعنا إلى تصور صراع
دام و حرب تدور رحاها ، فإن الخاطرة ظريفة ، أتقن صاحبها سلاسة التعبير وصنعة اللغة
مع عاطفة جارفة ، تنساب كلماتها رقيقة ، ناعمة لتلامس أذن السامع و كأنها آهات
فتية تملكها الشوق والحنين و لوعة الفراق .
لا
أنكر أنني أعجبت كثيرا بالوصف الرائع لمغالبته لنفسه في الكتابة و عدمها و معارك
الكر والفر ، و التأهب و التردد، و الاندفاع و الإحجام ، ليتمخض الفيل و يلد فأرا ، فيسطر عبارات ،
تعكس نفسية صاحبنا المتأرجحة بين الطبيعة الخلقية الوديعة التي لا تحسن المواجهة ،
و اللبوس الذي ألبسه بدوافع تظهر جلية من وراء الكلمات و إن حاول إخفاءها .
ومع قناعتي أنه ربما يكون قد انتصر في إقناع
نفسه بما كتب فإنني أختلف معه في أمرين
اثنين :
أولهما المنة التي رأى أنها لصاحبه علي والتي
لا علم لي بها، اللهم عن كانت ممن باب
القياس وهو أمر أعذره فيه فلا أتوقع منه أن يجعلني في موقع أنزل نفسه منه .
الثانية ما غاب عنه من حقيقة أن العواطف
الجياشة و النوايا الحسنة أمور جميلة من الناحية الأدبية ، لكنها لا تؤثر في
الواقع و أن مقطع لحجار قد خرج من قوقعته فبإمكانه أن يستوعب كل وافد ويجد فيه كل لاجئ
مأمنه ، هذا مع حاجته المتنامية إلى الغربلة في الاتجاه المعاكس.
ورغم سيل الفضائل الذي أطلقه الكاتب على
نفسه وعلى صاحبه مع عدم إنكاري ذلك عليه أو على صاحبه ، ورغم وابل الشتائم التي
أتحفني به والذي يرجع له الفضل في أسبقية إسماعي إياه ، فإنني أعتبر أنني قد
اكتشفت موهبة في موطني لا ينقصها إلا إعادة التوجيه .
و في الأخير- و إن رأيتني وافدا - فإنه لا
هم لي ولا مصلحة ولا أمل ولا رجاء.. إلا أن يظل الشام شاما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق